انتظرته .. لكنه لم يأتِ




الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده ؛

                      
مناسباتٌ كثيرة هى تلك التى تمر علينا و ننتظر فيها حضور من نحبهم و نرجوا رؤيتهم لكننا نُصدم بأنهم يعتذرون فلا يحضرون أو يُشاركوننا أفراحنا أو أطراحنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة فأجد جُمل التهنئة فى باقة ورد على الفيس أو أجد برقية تعزية على الواتس أو تُفاجئُني مكالمة هاتفيه على ( الفايبر )
إنه غياب .. فى ثوب حضور
إنه انقطاع .. فى ثوب تواصل
إنها غُربة تدق على أبوابنا و وحدة تخيم على مجتمعنا و تشتت يهدد الجسد الواحد

أخى الحبيب :
كم كنتَ سعيداً يوم زواجك و انتظرتَ أصحابكَ و إخوانك و أنت فى وسط زفافك ترقب عيناك صديقاً لك و حبيباً إلى قلبك انتظرته .. لكنه لم يأتِ
ثم سرعان ما سمعت صوت الهاتف فإذا برسالة تهنئة من ذلك الأخ الحبيب الغائب الذى لم تمنعه الحدود و المسافات لكنه انشغل فلم يحضُر .

و فى ميلاد طفلك راسلته و أعلنت ذلك على صفحات الفيس و غيرها و دعوته للعقيقة و انتظرت حضوره .. لكنه لم يأتِ

و مرت الايام و حصلت على الدكتوراه و أقمت الحفل و انتظرته .. لكنه لم يأتِ
و مرض والدك .. لكنه لم يأتِ
و مات والدك .. لكنه لم يأتِ
و وقعت فى مشكلة و ديون .. لكنه لم يأتِ
و مرضتَ أنت .. لكنه لم يأتِ

إذاً متى يأتى صاحبك و أخيك الذى شغلته الدنيا عن التواصل الحقيقى .. عن الأجر قد انشغل .. عن الدرجات قد انشغل .. عن أفضل الأعمال قد انشغل .. عن أحب الأعمال قد انشغل
وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ

أخى الحبيب
أما أدرك ذلك المسكين أنه قد حرم نفسه من خير كثير و أنه يحتاج للتواصل أكثر مما تحتاج اليه ؟ أما سمع ذلك الأخ الحبيب الغائب أن النبى
قال : " أحب الناس الى الله أنفعهم "

فربما انتفع بك أخوك أو أدخلت عليه السرور فتفوز بأحب الاعمال الى الله كما قال النبى " و أحب الاعمال الى الله سرور تدخله على مسلم "

لعل حضورك لفرحهُ يُدخل عليه السرور ، لعل سؤالك عنه يدخل عليه السرور ، لعل حضورك عقيقة ولده يُدخل عليه السرور ، لعل مشاركتك فى تشييع جنازة والده مع حزنه يدخل عليه السرور ...

أخى الحبيب
قيمتك فى نفعك لغيرك
فقيمة المرء ما يبذل .. لا ما يستهلك
قيمتك ماذا قدمت... ماذا بذلت ..لا ماذا أكلت او ماذا لبست و ركِبتَ ..

أخى الحبيب :
تَذكُر متى آخر مرة زرت أخاً لك فى الله .. لله ؟
قال " من عاد مريضاً أو زار أخاً له فى الله ناداه منادٍ أن طبت و طاب ممشاك و تَبَوّأت من الجنةِ منزلاً "

و فى الحديث القدسى ( ... وحقت محبتى للمُتزاورين فيَّ ) فهل رسالة الواتس أو الفيس تحمل نفس الأجر؟!

أخى الحبيب :
هل تذكر آخر مرة أهديت أخاً لك فى الله هدية لله ؟!
و قد قال " تهادوا تحابوا "
لكنك ترسل له باقات الورد على صفحات الفيس و الواتس .
هل تذكر آخر مره اتصلت بأخ لك فى الله تسأل عنه فقط و تطمئن على دينه و دنياه ؟

أخى الحبيب :
زار النبى سعد بن ابى وقاص .. و زوج ربيعه و قال أجمعوا له ...
و سأل عن جابر و لما رآه مهموماً قال له مالك يا جابر فعلم أن والده مات و ترك تسعة من البنات و عليه دين فذهب معه حتى حل له المشكلة

أما علمتَ أن الحبيب قال : " و من مشى مع أخيه المسلم فى حاجته حتى يُثبتها له أثبت الله قدمه يوم تَزِلُ الاقدام ؟

أما علمتَ أن من أحب الأعمال إلى الله أن تكشف عن أخيك كُربة أو تقضِ عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً

أما علمتَ أن زيارتك لأخيك المريض تنتفع أنت بها قبل المريض .
قال الله فى الحديث القدسى ( يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ )

و روى مسلم ( أن المؤمن إذا عاد أخاه المسلم لم يزل فى خرفة الجنة ( جناها ) )
و عن جابر ( من عاد مريضاً لم يزل يخوض فى الرحمة فإذا جلس أنغمس فيها )

أخى الحبيب :
كفانا كلاماً و حفظاً لنصوص مقدسة لا نعمل بها
إننا نريد النموذج الإيجابى الذى يفهم الإسلام فهماً عميقاً و يطبقه تطبيقاً دقيقاً . و يعمل بنصوص الوحيين الشريفين

إن النموذج الايجابى كالجمرة الملتهبة تبعث الحياه فى كل من يقترب إليها و يخالطها بإذن الله

أخى الحبيب 
الإلتزام ممارسة يوميه
فلنتعلم و نعمل و نسأل الله التوفيق،
إن التأثير العميق فى المجتمع إنما يكون بتقديم النموذج الإيجابى للملتزم بصدق
و صلِ اللهم على محمدٍ و على آله و صحبه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق